ومن الآداب والأسس التي وضعها الإسلام لممارسة الرياضة :
1- عدم اللهو بالرياضة إلى حدِّ نسيان الواجبات الدينيّة والوطنيّة والواجبات الأخرى، ولا يرضَى أن نصرِف لها اهتمامًا كبيرًا يغطِّي على ما هو أعظم منها بكثير.
فقد أصبحت الرياضة والأخبار الرياضة تسيطر على عقول كثير من شبابنا , حتى وصلت إلى درجة الهوس , وصار الشاب مغرما بالثقافة الرياضة , ويجهل فرائض دينه , بل إذا سألت بعضهم عن أسماء أولاد النبي صلى الله عليه وسلم أو زوجاته أو أصحابه تجده جاهلا بكل ذلك , وفي المقابل لو سألته عن أسماء اللاعبين والفرق ونتائج المباريات تجده عالم زمانه وفقيه عصره وأوانه .
يحكي الشيح العريفي هذه الحكاية فيقول : \" كان موقفاً محرجاً ذلك اليوم لما دخلت على طلابي في الكلية.
كانت محاضرتي حول السيرة النبوية ..وقفت أمام الطلاب هم في السنة الثانية الجامعية أردت أن أقيس معلوماتهم لأعرف المستوى الذي أخاطبهم نم خلاله ..سألتهم : يا شباب أعطوني أسماء أربع زوجات .. من زوجات النبي صلى الله عليه وسلم ..كان سؤالاً سهلاً طرحته بين أيديهم على استحياء كانوا أربعين طالباً ..رفع أحدهم يده صارخاً : يا دكتور قلت : نعم قال : خديجة فعددت بأصابعي قائلاً : خديجة أحسنت رفع الثاني يده : يا دكتور عائشة ..قلت : ممتاز عائشة ثم سكتوا!!سكتوا؟! الأربعون ؟!! نعم سكتوا الأربعون !!أخذت أطوف بنظري بينهم وأردد عبارات الأسف ألا تعرفون رسولكم ألا تعرفون أمهات المؤمنين ( أفاااااا ) ..فقال أحدهم : هاه يا دكتور .. دكتور .. تذكرت إحدى زوجاته ..قلت : من قال : آمنة !!آمنة .. هي أم رسول الله صلى الله عليه وسلم .. وقد ظن المسكين أنها زوجته ..قلت : آمنة !! هي أمه الله يخليك لأمك ..!!فسكت خجلاً ..وخيّم الصمت عليهم .. والحزن عليَّ ..فأراد أحدهم أن يزيل الكآبة عن الشيخ .. بجواب يبهج خاطره .. فقال :يا دكتور تذكرت اسم زوجة ..قلت : هاه من؟قال : فاطمة !!ضحك بعض الطلاب .. وظهر التعجب على آخرين وفريق ثالث .. لم يبدُ منه م أي تفاعل .. لأنهم يظنون الجواب صحيحاً .. يظنون فاطمة اسم زوجة من زوجاته صلى الله عليه وسلم ..قلت له : فاطمة رضي الله عنها هي ابنته سكت الطالب .. بل سكت الجميع ..فقلت لهم :أخبروني يا شباب بأسماء خمسة من لاعبي فريق .. فريق وجعلت أتذكر فريقاً كروياً أسألهم عنه وخشيت أن يجيبوا الجواب الصحيح فأصاب بخيبة أمل فلم أذكر فريقاً قريباً .. وإنما تباعدت .. علهم يعجزون عن الجواب فقلت : من لاعبي فريق البرازيل ..فتصايحوا : أنا .. أنا ..وجعلت الأسماء تهب عليّ هبوباً .. برنالدو .. تيتو الخ ..وأنا أعد بأصابعي فإذا أصابع يدي الأولى تمتلئ .. ثم تمتلئ أصابع يدي الثانية .. ثم أعود إلى الأولى فإذا هم قد عدوا خمسة عشر اسماً !!فسألتهم :الذي أعرف أن عدد لاعبي الفريق لا يتعدى أحد عشر لاعباً ..فلماذا ذكرتم خمسة عشر ..؟فقالوا : نحن ذكرنا لك أسماء اللاعبين الأساسيين والاحتياط والنكتة أنني لما كانوا يعدون أسماء اللاعبين كنت أعد بأصابعي وأعيد سم اللاعب فإذا أخطأت في لفظ الاسم ضحكوا من ( جهلي ) وعدلوا لي الاسم ..وصدق الله ( أم لم يعرفوا رسولهم فهم له منكرون ) شعر طلابي بمقدار الحزن البادي على وجهي ..فبدؤوا يقولون مع تذرين : يا شيخ لا تلمنا فالإعلام يبرز هؤلاء فنحفظهم فقلت لهم : لا تعتذروا .. فالإعلام يملك أن يبرزهم لكنه لا يملك أن يلزمك بمتابعتهم .. وتتبع أخبارهم وحفظ أسمائهم .. وتذاكر قصصهم .. وجعلهم مادة لأحاديث مجالسنا ومواضيع منتدياتنا وألوان ألبستنا الخ ..فكما يوجد قنوات للرياضة .. فهناك قنوات للثقافة والأخبار والشريعة والتعليم ..وقل مثل ذلك فيما تنشره الجرائد والمجلات ومواقع الانترنت إلى غير ذلك فلا تعتذروا ومن الطريف أن أذكر ..أنني ألقيت محاضرة قبل أيام في إحدى القرى أؤكد : إحدى القرى كانت المحاضرة حول حياة النبي صلى الله عليه وسلم ..ذكرت في آخر المحاضرة أهمية تعلم السيرة النبوية .. ثم ذكرت هذا الموقف الذي وقع بيني وبين طلابي ..كان أمامي بعض صغار السن الذي لا تتجاوز أعمارهم العشر سنين ..فقلت في أثناء سردي للموقف : ثم سألأت طلابي : أعطوني أسماء أربع من زوجات النبي صلى الله عليه وسلم وأكملت القصة والأمر عادي فلما قلت : ثم قلت لطلابي : هاه يا شباب .ز أعطوني أسماء خمسة من لاعبي البرازيل تصايح الصغار الذين أمامي : أنا .ز أنا .. أنا يظنوني أسأل الحاضرين !!فرأيتها فرصة لتسجيل موقف فالتفت إلى أحدهم .. وقلت : هاه يا شاطر أجب ..فقال : برنالدو و ..قلت : يكفي تدرس في أي صف يا شاطر ؟فقال بكل براءة : رابع باء ..!!فلتفت إلى الثاني وقلت : هاه ؟قال : تيتو قلت : وأنت أي صف تدرس ؟فقال : خامس جيم ..كادت الدموع تنزل من عيني ..ورأيت بعض الناس دمعت عيناه قهراً وحُقَّ له ذلك أدركت عندها أننا بحاجة إلى إبراز هذا الرسول .. الذي هو أحب إلينا من أرواحنا .
( محمد عبد الرحمن العريفي : قم فأنذر صـ 4 وما بعدها) .
ولقد حدثت مع كاتب هذه السطور حكاية شبيه بذلك , حيث دُعيت إلى إلقاء محاضرة في إحدى المدارس وكان الموضوع عن \" الرسول صلى الله عليه وسلم والشباب \" , وفي نهاية المحاضرة قلت لهم : يا شباب أسألكم سؤالاً مهما فالرجا الانتباه معي , قالوا : سل , قلت : من منكم يشجع فريق كذا ؟ فرفع نصف الطلاب أيديهم , قلت : ومن منكم يشجع فريق كذا ( الفريق المنافس للفريق الأول ) ؟ فرفع النصف الباقي أيديهم . قلت : أريد طالباً من مشجعي الفريق الأول يعد لي أسماء لاعبي فريقه , فوجدتهم جميعا يتبارون في ذلك , قلت : لكن عندي شرط , يعد لي أسماء اللاعبين حسب مراكزهم , يعني يعتبر نفسه مدرب الفريق ويضع لي تشكيلة الفريق بالاحتياط , فتنافسوا جميعا على ذلك , فاخترت واحدا منهم , وبالفعل ذكر لي أسماء اللاعبين وكأنه مدرب الفريق , وفعلت نفس الشيء مع مشجعي الفريق الآخر , ثم قلت : والمنتخب الوطني , ففعلوا نفس الشيء .
قلت : أنا معجب بكم وبشطارتكم , لكن سوف أعجب بكم أكثر إذا أجبتم لي على هذا السؤال , فقالوا : سل , قلت من منكم يعد لي أسماء فريق , وسكت لحظة , ثم أردفت , فريق \" بيت النبوة \" فنظر بعضهم إلى بعض وكأنهم استغربوا السؤال , فتابعت : أنا آسف , السؤال صعب , ابسطه وأسهله لكم , من منكم يعد لي أسماء أولاد النبي صلى الله عليه وسلم وأسماء زوجاته أمهاتنا أمهات المؤمنين , ألا يعرف أحدكم اسم أمه , ولا أريد أن أشق عليكم وأطلب منكم ذكر أسماء أعمامه أو عماته أو أخواله أو خالاته , وبعد معاناة ومحاولات بائسة , ذكروا لي اثنين أو ثلاثة من أولاد النبي صلى الله عليه وسلم , ومثلهم من أسماء أمهات المؤمنين , رضي الله عنهم أجمعين.
وحتى لا أكسر خاطرهم , قلت لهم , ظلمكم الإعلام يا شباب إذ وضع هؤلاء اللاعبين وهؤلاء الفنانين والممثلين موضع القدوة لكم , وصار الإعلام ليل نهار مشغولا بأخبار هؤلاء , حتى طغت أخبارهم على أخبار وأحوال المسلمين , وحتى صاروا أمامكم مضرب المثل وموضع الإعجاب فلا تشغلوا جلّ أوقاتكم في تتبع أخبار هؤلاء وفي تقليدهم في كلامهم وملابسهم .
2- إضاعة الأوقات في في تتبع المباريات والأخبار الرياضية .
قال بعض الحكماء: كيف يفرح بالدنيا من يومه يهدم شهره، وشهره يهدم سنته، وسنته تهدم عمره، وكيف يفرح من يقوده عمره إلى أجله، وتقوده حياته إلى موته.
وكتب الأوزاعيُّ إلى أخٍ له: أما بعد، فقد أُحيط بك من كل جانب، واعلم أنه يسار بك في كل يوم وليلة، فاحذرِ الله، والمقام بين يديه، وأن يكون آخر عهدك به، والسلام. قال الحسن البصري رحمه الله تعالى: (يا ابن آدم إنما أنت أيام، كلما ذهب يومك ذهب بعضُك).
قال الخليل بن أحمد: الوقت ثلاثة أقسام
وقت مضى عنك فلن يعود، ووقت أنت فيه فانظر كيف يخرج عنك، ووقت أنت منتظره وقد لا تبلغ إليه).
قال الشاعر:
تمر بنا الأيام تترى وإنما * * * نساق إلى الآجال والعين تنظر
فلا عائدٌ ذاك الشباب الذي مضى * * * ولا زائل هذا المشيبُ المكدَّر
وفي الحديث: عن أبي برزة الأسلمي، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله
لا تزول قدماً عبد يوم القيامة حتَّى يسأل عن: عمره فيم أفناه، وعن ماله من أين أكتسبه وفيم أنفقه، وعن جسمه فيم أبلاه) الترمذي 2417؛ وصححه.
أستأذن رجل على أبى جعفر المنصور ليريه مهارته في ألعابه ، فأخذ عدداً كبيراً من الصحاف يتقاذفها في الهواء دون أن يقع على الأرض منها شئ ، فقال له الخليفة ثم ماذا ؟ فأخرج إبرة فرماها على الأرض وأخذ أخرى ورماها فرشقت في ثقب الأولى ، وهكذا مائة إبرة ، و الناس في دهشة من مهارته تلك ، فلما انتهى من ألعابه قال الخليفة : أعطوه على مهارته ألف درهم ثم اجلدوه مائة جلدة ، لأنه أضاع وقت المسلمين فيما لا يفيدهم ، ولا ينفعهم .
قال الشاعر العربي :
لا تأمن الموت في طرف ولا نفس * * * وإن تمنعت بالحجاب والحــرس
فما تزال سهام الموت نافـــذة * * * في جنب مدرع منها ومتـــرس
أراك لست وقافاً ولا حــــذراً * * * كالحاطب الخابط الأعواد في الغلس
ترجو النجاة ولم تسلك مسالكـها * * * إن السفينة لا تجري على اليــبس
وقال آخر:
وللجد أوقات وللهزل مثلها * * * لكن أوقاتي إلى الجد أقربُ